الثلاثاء, ديسمبر 3, 2024
الرئيسيةالمميزةأمير فريك"حان وقت النهوض بالموروث الثقافي في المسرح الجزائري

أمير فريك”حان وقت النهوض بالموروث الثقافي في المسرح الجزائري

في لقائه مع جريدة الجالية الجزائرية تحدث الدكتور أمير فريك المتخرج من الأكاديمية المركزية للفنون الدرامية ببكين،  وصاحب تتويج “تشان شو فان” لأفضل عرض أكاديمي، عن سبب إختياره للصين كوجهة انطلاقة وعن عشقه واهتمامه لكل ما هو ثقافة شرقية ، بداية من عروض البيجين أوبرآ إلى الأقنعة والديزاين و الميك آب، العروض الجماعية الإحتفالية بأعياد الربيع، الرقصات الفولكلورية ذات المرجعية الأنثروبولوجية، إلى تقنيات الخشبة و التقنية الرقمية الحديثة، عالم الإضاءة، المدرسة الكونفوشيوسية، التاي تشي تشوان، التشي غونغ، اليوغا بأنواعها،وأشاد بضرورة تمثيل المسرح الجزائري لهويته على الخشبة بعيدا عن التقليد.

(الجزء الثاني)

 

ماذا أضاف لك تتويج عرضك”سافيتري” كواحد من أفضل عشرين إبداع اكاديمي تخصص إخراج؟

لوحة من عرض سافيتري                                                                                   

التتويج تشجيعي خالص لبث حماس أكبر في نفوس الشخصيات المبدعة ، ببساطة لأن مفهوم التتويج، أو الجائزة في البلدان المتطورة ينبع من منطلق الشكر و التحفيز للتقدم نحو الأفضل، و ليس من منطلق تنافس الديوك أيهما الأقوى و الأجدر بالجائزة، “تشان شو فان” هي في الأصل فنانة معروفة في الصين خاصة هونغ كونغ قررت تمويل برنامج إبداعي يشجع الطاقات الشابة التي تطرح مفاهيم فنية جديدة، و بتوفيق من الله أولاً و الإجتهاد في العمل ثانياً كان عرض سافيتري أحد العروض العشرون المتوجة لموسم 2018 – 2019 ممثلا بشخصي بصفتي مخرج و مصمم العرض . الملفت في الموضوع هو إهتمام الجهات المعنية بالثقافة و الفنون هناك بتشجيع فكرة و مفاهيم الإبداع و ذلك ببث الحماس و تحفيز غريزة الطموح في مجتمعاتهم خاصة لفاقدها لأن المبدعون هم الدافع الأساسي في النهوض بالبلد، لذلك الإضافة كانت معنوية أكثر منها مادية لأنها دعمت وجهة نظري في الإلتزام بتقديم عروض إنسانية بدرجة أولى دون قيود أيديولوجية أو فكرية معينة، فالأهم بالنسبة لي هو تقديم مخلفات الفكرة في شكلها النهائي دون التشدد في فرضها على الأخر ، كما عزز التتويج ثقتي في أن ما أقوم به سيلقى إستحساناً و قبولاً أينما حللت و هذا نابع من تركيبة المجتمع الصيني في حد ذاته كمشاهد أو كمقيّم لأعمال فنية لأن الصين بلداً و مجتمعاً مختلفة جداً عن بقية بلدان العالم، عموماً التتويج أضاف مصداقية أكبر لهذا النوع من الأعمال لأنها ليست نخبوية بلا جمهور كما يعتقد بعض السُذج بل هي عروض الدرجة الأولى في البلدان التي تعي و تستوعب القيمة الفنية .

لماذا اخترت الصين تحديدا كوجهة لمواصلة الدراسة؟

في مهرجان تشان شو فان                   

في البداية كانت الوجهة إلى الصين قدرية بحتة أي من صنع القدر بإمتياز لتتحول فيما بعد إلى وجهة إختيارية نابعة عن قناعة شخصية، لن أنكر مدى إهتمامي بالثقافة الأسياوية عامة في الماضي، إنطلاقاً من الصين إلى اليابان، كوريا و كذلك الهند و كان ذلك من خلال الرياضة أولاً ثم الفلسفة و الثقافة بشكل عام لكن لم تخطر على بالي أبداً فكرة السفر أو الدراسة في تلك الجهة من العالم، الحكاية و ما فيها أنني تحصلت على منحة دراسية صينية جزائرية بعد تخرجي بتفوق من المعهد العالي للفنون الدرامية بالجزائر العاصمة قسم فنون التمثيل، توجهت بعدها إلى بيكين و من هناك حصل ما حصل، هو عشق لكل ما هو ثقافة شرقية بدون أي مقدمات، بداية من عروض البيجين أوبرآ إلى الأقنعة، الديزاين و المكياج، العروض الجماعية الإحتفالية بأعياد الربيع، الرقصات الفولكلورية ذات المرجعية الأنثروبولوجية، إلى تقنيات الخشبة و التقنية الرقمية الحديثة، عالم الإضاءة، المدرسة الكونفوشيوسية، التاي تشي تشوان، التشي غونغ، اليوغا بأنواعها، خاصة الفلسفة الطاوية، و هو ما قادني إلى تطوير تكنيك خاص في تدريب الممثل المؤدي و الذي يعرف بالصوفي تكنيك في فنون الأداء .

ما هو الصوفي تكنيك في فنون الأداء ؟

في عرض الصوفي تكنيك     

هو حصيلة بحث دامت لسنوات بداية من بحث الماجيستير إلى الدكتورآه و ورشات فنية تكوينية لا تحصى في مناطق مختلفة داخل و خارج الجزائر . التكنيك الصوفي ـ سوفي/ Sufi بالإنجليزية- في فنون الأداء هي طريقة تدريبية خاصة و موجهة للممثلين و الراقصين و مختلف فناني الأداء غرض إعداد شريحة معينة من الممثلين المؤدين الذين يستعدون للعروض المسرحية ذات الخلفية الأنثروبولوجية من نوعية عرض سافيتري أو حتى غيرها من العروض الأخرى، و هي إمتداد للمناهج العالمية المعروفة في تدريب أو تكوين الممثل إبتداءاً من ستانيسلافسكي، مايرهولد، غروتوفسكي، برخت، باربا و بيتر بروك و ذلك نتيجة إيماني بتجارب كل هؤلاء و غيرهم أيضاً ممن صنعوا الإختلاف في مسرح القرن العشرين، و يتم ذلك من خلال سلسلة من التمرينات المدروسة ذات المرجعية الروحانية أو الشبيهة بالمماراسات الطقوسية و المستلهمة من التاي تشي تشوان و التشي غونغ، الزِنْ الياباني، الكاتاكالي الهندي بما فيها المماراسات و المظاهر الإحتفالية في التصوف الإسلامي، و معنى صوفي أو سوفي ليس منحصراً في التصوف الإسلامي فقط و إنما بمعناه الموسع الذي يضم كل ممارسة تدعوا إلى الولوج في العوالم الداخلية و كذلك للمعنى اليوناني القديم لكلمة “سوفيا” التي تعني حكمة أو تبصّر .

ماهي مشاريعك المستقبلية ؟ هل سيكون لك مشروع مسرحي في الجزائر؟

في الحقيقة هناك مشروعان تم التحضير لهما منذ فترة، الأول ذو بعد إفريقي و الثاني عمل فانتازي، على أمل الإنطلاق في إنتاجهما في الظرف المناسب و سيتم الإختيار في ما بينهما على حسب أولوية الموضوع بعد مناقشة الأمر مع القائمين على الحركة، أما بالنسبة للجزائر أنا بصدد تحضير عمل ضخم حول ثقافة و ثراث منطقة جزائرية معينة – أُفضل الإفصاح عنها في الوقت المناسب – و سأوظف من خلاله موروثاً ثقافياً منسياً يتم التعريف به و تقديمه إلى العالم بصورة جد محترمة، طبعاً ليس بالضرورة أن يكون الإنتاج جزائري لكني أتمنى أن يرى المشروع النور في الجزائر حتى يكون ذو مصداقية أكبر.

ماهي رسالتك للقائمين على المسرح الجزائري؟

 

• المسرح قائم بممارسيه و لا قائمين عليه، أما عن الإداريين في سلك الثقافة أقول لهم أن الوقت قد حان لتكون هناك إرادة بناء و نهضة بالقطاع الثقافي ككل و هذا لن يتحقق إلا من خلال خطة عمل و إستراتيجية واضحة تطبق على مدى سنوات، سياسة الإرتجال و التسيير العفوي لمسارح الدولة مثلاً سيخدم فقط مصالح البعض دون القطاع الثقافي العام، الجزائر حالياً تعيش مرحلة إنتقالية حساسة جداً تتطلب من الجميع التجند لخدمة الهدف الأسمى و هو بناء وطن بكل مقاييسه و متطلباته، و الحركة المسرحية جزء من هذا المشروع خاصة أن لها تموقع و تميّز نوعا ما في المنطقة و لكنها للأسف تبقى مشتتة، مبعثرة و فردية محلياً، وجب على كل مسؤول أن يوحد الصفوف و العمل على توظيف الإنتاج العام لخدمة هدف أسمى أيضاً، بشرط أن يكون الهدف محدد و مسطر منذ البداية، لأنك لا تستطيع شراء تذكرة سفر قبل تحديد وجهتك هذا من جانب أما الجانب الثاني و هو الأهم فهو عن هوية المنطقة التي طمست و إنمحت تماما من ملامح الممارسة المسرحية، الجزائر كتموقع جغرافي تعتبر بلد غني بالتنوع الثقافي و الخلفيات الأنثروبولوجية العديدة و لكننا للأسف لا نرى ما يعكس ذلك في عروض اليوم، بالمقابل نلتمس تشجيع و دعم العروض التي تحاول أن تطابق أو تقلد ما عفا عليه الزمن في الغرب، مما جعل أغلبية الأعمال المعروضة في الآونة الأخيرة متماثلة، متشابهة و كأنها مستنسخة عن بعضها البعض.

بماذا تنصح من هم في أول الطريق في هذا المجال ؟

التكريم والتتويج بجائزة تشان شوفان    

أولاً أوصيهم بالإستمرارية مهما قست الظروف، لأن هذا المجال يتطلب نفس طويل و طويل جداً و يحتاج أيضاً جرعة كبيرة جداً من الصبر ، التاريخ أثبت أن ممارسة المسرح لا تحسب بالأرقام ، من كان حقاً محباً للمسرح سيفني كل حياته راكضاً خلف حلمه و هناك أمثلة كثيرة في العالم، مؤخرا في سانت بيترسبرغ – روسيا جمعني لقاء بالقدير سلافا بولونين صانع رائعة السنو شو منذ أكثر من 27 سنة و الذي مازال يُعرض في مختلف مسارح العالم إلى يومنا هذا، وقتها شاهدت بأم عيني نموذجاً حياً في حب المسرح و ذلك من خلال إهتمام الرجل بأدق التفاصيل من بداية العرض إلى غاية أخر لحظة يغادر فيها أخر فرد من الجمهور، و هو الدليل أنه مازال يعمل بنفس حب و وفاء البدايات بعد كل تلك السنين، لذلك فرسالتي الثانية هي الوفاء في حب المسرح، و ثالثا طبعاً التكوين المتواصل لأنه مهم جداً في فترات مختلفة من الممارسة و الأهم هو التوازن في التكوين بين الروح ، العقل و الجسد، إيمان و صدق، إجعل من الكتاب رفيقاً، خشبة و تدريب، مواكبة و تحديث.

كيف يتأقلم الدكتور أمير مع الأكل الصيني وكيف يعوض نقص الأكل الجزائري هناك ؟

في الحقيقة هذا السؤال يُطرح بكثرة، بل هو أول سؤال يخطر ببال الأصدقاء والمقربين، أتذكر أول يوم لي في الصين كان في شهر رمضان وكان الأمر صعباً جداً في البدايات. لكن الكثير لا يعلمون أن عدد المسلمين مرتفع جداً في الصين، وقد يفوق المئة مليون نسمة. وأن أغلبية المسلمين هناك يختصون في التجارة وفتح المطاعم الإسلامية المتواجدة في كل مكان. في السنوات الأولى كنت أستمتع بالأكل الصيني كإكتشاف، لكن في ما بعد من الطبيعي أن أخلق روتين حياتي خاص مع العائلة.

كوثر لعلى

 

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

أخر الاخبار

error: المحتوى محمي !!