يتقاطع التعليم الجزائري مع نظيره الفنلندي في بعض النقاط المشتركة كمجانية التعليم، إلا أن هذا النظام التعليمي الأفضل في العالم ينبغي أن يكون نموذجا للمدرسة الجزائرية كما جعلته غالب الدول الأوروبية قدوة لها.
11 مليون تلميذ جزائري يلتحقون بمقاعد الدراسة اليوم
يلتحق اليوم نحو 11 مليون تلميذ جزائري بالمدارس، وتتجدد مع كل دخول مدرسي مآسي المنظومة التعليمية في بلادنا، والتي أصبحت مؤخرا ترتكز على سياسة الحشو، التي تبدأ من سن الأربع سنوات بقسم التمهيدي.
يعتمد التعليم في الجزائر على نظام مدرسي أساسي (الابتدائي والمتوسط) مدّته 9 سنوات (5 سنوات ابتدائي + 4 متوسط حسب البرنامج الجديد)، يدرس فيها التلميذ من سنّ 6 إلى 16 سنة يحصل بموجبها على شهادة التعليم المتوسط.
التعليم الجزائري يتقاطع مع نظيره الفنلندي في المجانية
ويليه التعليم الثانوي ومدّته 3 سنوات يمتد من سنّ 16 إلى 18 سنة يحصل بموجبه التلميذ على شهادة التعليم الثانوي (بكالوريا التعليم الثانوي).
التعليم في الجزائر إجباري وحضوري لمدة 9 سنوات، تبدأ في عمر 6 سنوات إلى غاية 16 سنة، حيث يكفل الدستور الجزائري في مادته 53 مجانية التعليم بصفته حقا مضمونا ومجانيا لكل طفل في سن التمدرس إلى أن يبلغ من العمر 16 سنة.
ماذا يجب أن نأخذ من التجربة الفنلندية في التعليم
اعتمدت الجزائر بداية من الموسم الدراسي الجديد 2022/2023، على التدريس بالكتاب الرقمي، اقتداء بالتجربة الفنلندية التي تعتمد كليا على نظام تعليمي الكتروني.
وفي إطار حرص وزارة التربية والتعليم الوطنية على تخفيف ثقل المحفظة المدرسية على التلاميذ، باشرت المدرسة الجزائرية تدريجيا في تجهيز 1600 ابتدائية باللوحات الإلكترونية تم اختيارها بإحكام لتشمل كل البلديات.
ويستفيد أزيد من 5 ملايين تلميذ في الابتدائي، من الكتاب الرقمي لأول مرة في الجزائر، في انتظار تعميم استخدام اللوحات الالكترونية بكامل المدراس الجزائرية، وهو الأمر الذي يرتكز عليه التعليم الفنلندي الذي يعتمد كليا على النظام الالكتروني لا وجود للكتب ولا الكراريس ولا المحفظة المدرسية كل البرنامج في لوحة إلكترونية.
طالع أيضا تلاميذ الجزائر على خطى نظرائهم بأوروبا
4 ساعات دراسة يومياُ لا أكثر
يبدأ التلميذ الفنلندي التعليم الأساسي من سن 7 سنوات، وقبل ذلك فإن التركيز على تلاميذ رياض الأطفال هو “تعلُّم كيفية التعلم”.
فبدلاً من التعليم الرسمي في القراءة والرياضيات، هناك دروس عن الطبيعة والحيوانات و”دائرة الحياة” والتركيز على اللعب الحر، ورغم ذلك فمرحلة رياض الأطفال ليست إلزامية.
ويقضي الأطفال في المرحلة الأساسية (والتي تمتد 9 سنوات من الصف الأول إلى الصف التاسع)، إجمالًا نحو 20 ساعة أسبوعياً في المدرسة، ما بين 3 إلى 4 ساعات يومياً (تتضمن ساعة الغداء).
ويتم استغلال أوقات اللعب كتسلق الأشجار لتعلُّم معلومات جديدة عن الحشرات والنباتات وغيرها.
أما تلامذة التعليم الثانوي (أكاديمياً أو مهنياً)، فإن أقصى فترة دراسية لهم هي 6 ساعات يومية.
ويرى النظام التعليمي الفنلندي، أن قضاء التلاميذ أقل عدد ساعات داخل الأقسام مقارنة بباقي العالم الغربي، يجعلهم يؤدون أفضل في الدراسة والإبداع خارج الفصول.
لا اختبارات ولا واجبات منزلية؟
احتلت فنلندا الصدارة من حيث الأفضل تعليما على مستوى العالم، منافسة جيرانها من الدول الاسكندنافية، حيث يرتكز التعليم الفنلندي على تقليل أيام الفصل الدراسي، وتقليص ساعات التدريس في الأسبوع، وتجميد الاختبارات الموحدة، وإلغاء الواجبات المنزلية، الأمر الذي نتج عنه احتلال المراكز الأولى في اختبارات القياس الدولية.
القضاء على جراثيم التعليم العالمي
بدأ صاحب كتاب “الدروس الفنلندية”، د.باسي سالبرغ، بالتذكير بأهداف التعليم والمتمثلة في : بناء اقتصاد جيد، والمحافظة على ثقافة البلد.
ويقول د.باسي سالبرغ: أباد التعليم الفنلندي 99 % من جراثيم التعليم العالمي، وهي: كثافة المواد، كثرة الاختبارات، طول وقت الدوام، الواجبات والدراسة المنزلية، لأنها ممارسات غير تربوية، إضافة إلى التشدد في محاسبة التلميذ والمعلم، كل ذلك من شأنه إرهاق المعلم والتلميذ معًا، وإضعاف عملية التعليم ككل.
ويوضح صاحب “الدروس الفنلندية” “نرى نتيجة ذلك.. الطالب أقل قلقًا، والمعلم أقل توترا، والأبوين أكثر راحة”.
ويحذر د.سالبرغ من إلزام التلميذ بمعلومات تفصيلية وحفظها (يعتبرها حشو وتلقين) لم يحفظها كُتَّابها الأصليون أساسًا، ولا يتداولها إلا أهل التخصص الدقيق، ويسميها “المعرفة المعزولة”.
وينبغي حسب د.سالبرغ التركيز على تعليم التلميذ التفكير الإبداعي، والضمير الأخلاقي، والمهارات التواصلية، والموهبة الخاصة، وهذه لا تتطلب مصطلحات جامدة، ولا حفظ نصوص مطولة.
7 أسباب جعلت التعليم في فنلندا هو الأفضل عالميا
يحتل النظام التعليمي الفنلندي الصدارة في جودة التعليم عالميا حيث أصبحت فنلندا هذه الدولة الإسكندنافية الصغيرة أقوى دولة في التعليم عالميا وفقا لتقرير التنافسية العالمية، فيما يلي أهم 7 أسباب جعلت التعليم في فنلندا الأول عالميا.
1- التعليم جزء من الهوية
بنت فنلندا هويتها القومية منذ القرن الـ19 من خلال الاستثمار في التعليم للجميع، وعندما حققت استقلالها كان الهدف الأساسي هو تطوير التعليم بشكل أكبر.
فالفخر والاحترام للتعليم والتعلم في فنلندا يعدان من الجوانب الأساسية للثقافة الفنلندية.
2- اختيار المدرسين بعناية شديدة
يتم اختيار المدرسين بعناية شديدة، حيث يجب أن يكون المتقدم لشغل منصب مدرس حاصلا على شهادة الماجيستير، فلا بد أن يكونوا ذوي كفاءة عالية، ويتم قبول 11% فقط من المتقدمين لشغل وظيفة المعلم، وهذا يضمن أن المتقدمين الموهوبين والأكثر حماسة هم من يستحقون شغل تلك الوظيفة.
3- تقليص ساعات العمل
لا تزيد مدة التعليم في فنلندا عن 4 ساعات يوميا لتلاميذ الابتدائي، والمتوسط، حيث تركز سياسة التعليم في فنلندا بشكل أساسي على العمق في المضمون المدروس، بدلا من زيادة المضمون والتعامل معه بسطحية.
حيث يزاول المدرس مهمته لمدة 4 ساعات يوميا و20 ساعة أسبوعيا فقط، نصف هذه الساعات يقوم فيها المدرس بإعداد المناهج الدراسية وتقييم التلاميذ، ومع تقلص ساعات الدراسة تزداد فترات الراحة نسبيا لتصل 75 دقيقة موزعة على اليوم الدراسي.
4- المساواة في التعليم
يعتمد نظام التعليم في فنلندا على عدم عزل التلاميذ وفقا لمستواهم التعليمي، حتى يصلوا إلى المستوى التعليمي المتوسط والسائد بين زملائهم، وهو ما جعل فنلندا تمتلك أصغر فجوة بين التلاميذ الأقوى والأضعف في مستوياتهم التعليمية على مستوى العالم وفقا لدراسة أجرتها مؤسسة التعاون الاقتصادي والتنمية.
5- علاقة وطيدة بين المدرس والتلميذ
لا تقل مدة مكوث المدرسون في فنلندا مع التلاميذ، عن خمس سنوات دراسية، ، الأمر الذي يوطد العلاقة بين المعلمين والتلاميذ الذين يبلغ عددهم 20 تلميذ فقط في الفصل الواحد.
6- الحق في التعليم للجميع
الحق في التعليم لجميع الفئات من المجتمع الفنلندي، والمساواة في ذلك، جعل التلاميذ الفنلنديين سواء كانوا في مناطق ريفية أو حضارية، فقيرة كانت أو غنية يحصلون على جودة تعليم متساوية.
ويتم توزيع المال بالتساوي على المدارس إلى حد كبير، كما أنه لا يوجد تصنيفات وترتيبات ومنافسة بين المدارس، فجميعها تعمل وفقا لأهداف قومية واحدة.
7- ارتفاع نسبة المقبلين على الجامعة
تسجل فنلندا ما نسبته 93 بالمائة من الفنلنديين المتخرجين من المدارس العليا وهي نسبة مرتفعة بشكل كبير، ما جعل فنلندا تتفوق على الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الصدد بـ 17.5%، بالرغم من أن فنلندا تنفق على التلاميذ المقبلين على الجامعة بنسبة 30 % أقل مما تنفقه أمريكا.
أهم ملامح المنهج الدراسي الفنلندي
– منهج خفيف مليء بفترات الاستراحة بواقع 15 دقيقة حرة بعد كل 45 دقيقة تعلُّم
– قدر كبير من الاستقلالية يتمتع به الطالب داخل الفصل، حركته، حواره مع أستاذه، تعاونه مع زملائه وتشكيل فرق عمل جماعية
– منهج متوازن ألا تشترط أحدث المناهج وأفضل التقنيات وأرفع الميزانيات لتطوير التعليم، إنك من خلال منهج متوازن يراعي الطالب يمكنك أن تكون الأفضل في العالم
– التلميذ الفنلندي يبدأ التعلم في سن السابعة لأنه بحاجة إلى أن يقضي طفولته قبل ذلك في اللعب.
– يدخل المدرسة ويدرس ثلاث ساعات في اليوم الواحد مليئة بالتعلم من خلال اللعب، وباقي وقته في المدرسة يقضيه في اللعب أيضًا، ثم يرحل باكرًا من المدرسة ليلتحق بناديه ليستكمل اللعب.
– بيئة التعلم داخل المدرسة وبعد المدرسة يجب أن تكون هادئة ومريحة ولا تتطلب إضفاء أجواء التوتر والإجهاد.
– الهدوء والاسترخاء مطلبان مهمان للتلميذ والمعلم معًا
– لا يهم أين تسكن، فأنت دائمًا قريب من المدرسة التي ترغب فيها، لا توجد شروط تعقد قبول ابنك بالمدرسة المطلوبة، هذا حق للجميع.