في أول خرجة ميدانية لها بعد إطلاقها رسميا بمناسبة ذكرى 5 جويلية، قامت جريدة الجالية الجزائرية بتغطية خاصة لحفل تكريم عائلة المجاهد الراحل عمر بوداود، أحد قادة ثورة التحرير بالخارج، وقد كان حفل التكريم بمبادرة من قنصلية الجزائر بفرانكفورت في ألمانيا، فيما جرى الحفل بمقر إقامة عائلة المجاهد الراحل بمنطقة أخن في ألمانيا.
حفل التكريم، الذي جرى يوم الأحد 5 جويلية، حضره كل من قنصل الجزائر بفرانكفورت (ألمانيا) عبد الكريم يماني، والنائب المكلف بالجالية عبد الحكيم دحمون، و المجاهد عمي علي مسعودي المقيم بألمانيا منذ 60 سنة، واسماعين طاطاري البطل الجزائري السابق في رياضة الألواح الشراعية والناشط في إحدى جمعيات الجالية في ألمانيا.
بروتكولات الحفل وشهادات حول الراحل
في الجانب البروتوكولي من حفل التكريم، استهل القنصل عبد الكريم يماني الحفل بكلمة حول مسيرة المجاهد الراحل عمر بوداود مع ثورة التحرير، ليفتح مجالا للحديث مع عائلة الراحل والضيوف حول دوره في دعم الثورة من فرنسا، حيث كان المجاهد يقود فدرالية الافلان من أجل نقل الثورة إلى داخل إقليم فرنسا وتنظيم الجالية الجزائرية لصالح دعم الثورة بالأموال والأسلحة والهجمات.
حرم المجاهد الراحل، السيدة لويزة بوداود تعود بنا لذكرياتها معه لما كان على قيد الحياة، فتقول أنها التقت به لأول مرة في باريس بفرنسا عندما كانت طالبة تزاول دراستها هناك في جامعة السربون، وأنه بعد العمل النضالي والثوري الذي قام به في فرنسا فقد تعرض لمضايقات وتهديدات كما أصبحت حياته في خطر، وعليه انتقلت معه إلى بلدها ألمانيا حيث عاشا معا كزوجين. وتضيف حرم الراحل أنه و”في أيامه الأخيرة قبل وفاته (في شهر ماي الماضي) لم يكن يعاني كثيرا وقد استقبل الموت وهو مسرور، إذ كان يخرج يتنزه في الأماكن التي يحبها، ولقد كان يحب كثيرا الأماكن الطبيعية التي تذكره ببلاده ومسقط رأسه (تيغزيرت)”.
أما نجله، السيد فريد بوداود فيقول أن “والدي كان يفتخر، وكلما يأتي تاريخ 5 جويلية يشعر بالفخر وبالاعتزاز وبالنجاح وبالانتصار، فهذا شعوره لمدة سنوات كلما تأتي مناسبة 5 جويلية”. وأما النائب عن الجالية عبد الحكيم دحمون، الذي كان من بين أعضاء وفد الضيوف خلال الحفل، فيقول أنه عندما التقى بالراحل في آخر مرة قبل وفاته، قال له كلمة بقيت في رأسه إلى اليوم، وهي أن “الجزائر نحن من حررها وحملناكم الأمانة، فهي أمانة في أعناقكم فحافظوا عليها”.
النائب البرلماني عبد الحكيم دحمون الذي بدوره قام بتكريم المجاهد الحاضر عمي علي ببرنوس تقليدي أصيل.
أفراد عائلة الراحل في سطور
خارج الجانب البرتوكولي من حفل التكريم، نستعرض لمتابعي جريدة الجالية الجزائرية أفراد عائلة المجاهد الراحل في هذه السطور. العائلة تتكون من ستة أفراد، وهم السيدة لويزة بوداود حرم المرحوم ألمانية غيرت من اسمها إلى العربية منذ أن تزوجت به، ونجله السيد فريد بوداود باحث خبير مكلف بأنشطة تصميم وإدارة المشاريع الدولية الكبرى لتنفيذ تكنولوجيات الإعلام والاتصال الجديدة في كل من قطاعات الثقافة والسمعي البصري والإعلام والسياحة، وكذا البنات الاربعة أمينة وحليمة وصافية وليندة موظفات في مجالات الطب والصيدلة والتأهيل البدني والإعلام الآلي والهندسة المعمارية، اثنتان منهن (صافية وليندة) تغيبتا عن حفل تكريم العائلة بسبب تواجدهما خارج ألمانيا.
الأبناء الخمسة تابعوا دراساتهم العليا في ألمانيا وأمريكا وبريطانيا، وهم إطارات يعيشون ما بين ألمانيا ودول الجوار، بلجيكا وهولندا وفرنسا، فيما يزورون أحيانا الجزائر. لقد ورثوا ميزة التحدي والنجاح في الحياة عن أبيهم الراحل المجاهد عمر بوداود. أحد أفراد العائلة يقول لنا إن “الوالد (المتوفي) والوالدة كبيران في السن، وهذه مجالات تخصصنا نفيدهما بها، الطب لمعالجتهما، والهندسة المعمارية ليعيشان في هناء، والإعلام الآلي ليحصلا على معلومات بالقدر الكافي”.
روح الفكاهة بالعربية أيضا حاضرة في الحفل
السيدة لويزا بوداود حرم المرحوم، ومثلما عايناه خلال حفل التكريم، تتحدث إلى الضيوف بالألمانية والفرنسية، في حين أنه اتضح لنا أنها تفهم الدراجة الجزائرية، فقد انفجرت ضحكا وهي تسمع نكتا من أحد الضيوف وهو يتحدث إلى ابنتيها أمينة وحليمة بالدارجة الجزائرية.
البطل الرياضي اسماعين طاطاري هو من أفضى على حفل التكريم طابع المرح والفكاهة، لقد ظل يتحدث بالنكت إلى أمينة وحليمة خصوصا، وقد تجاوبتا معه بالضحك والنكت. الابناء الثلاثة الذين حضروا الحفل، السيد فريد بوداود وأختيه أمينة وحليمة، يجيدون الحديث بالدارجة الجزائرية مع الضيوف، خاصة عندما يتعلق الأمر بقصص وفكاهة “البلاد”، وقد نقلوا لنا أن كل أفراد العائلة، بمن فيهم المتغيبتان عن الحفل صافية وليندة، يفعلون الأمر ذاته، وأن العائلة كلهم يأكلون كسكس “البلاد” كأكلة مفضلة.
شهادات عرفان وهدايا من الجالية
خلال حفل التكريم، قُدمت لعائلة المجاهد الراحل شهادة شرفية من قبل وزارة المجاهدين، وهي بمثابة عرفان لما قدمه الراحل للجزائر خلال ثورة التحرير، هذا العرفان كان قد تحقق مطلع الأسبوع الجاري بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال، عندما دشنت السلطات في الجزائر حيا سكنيا بالعاصمة باسم هذا المجاهد الراحل.
كما قُدمت لعائلة الراحل كريستال يحمل صورة المجاهد الراحل، وطقم مصنوعة بأيادي فنان. من جانبها، قدمت جريدة الجالية الجزائرية لحرم المجاهد الراحل، وباسم كل الجالية والجيل الجديد، فستانا تقليديا من منطقة القبائل، فيما سُرت بها كثيرا لما تحمله لها من معاني.
في نهاية حفل التكريم، لم يكن في وسع العائلة ترك الوفد يغادرون المنزل، فقد سرتهم التفاتة التكريم، مثلما سُر وفد الضيوف بروح التواضع واللباقة التي يتمتع بها أفراد عائلة المجاهد الراحل عمر بوداود.
من ألمانيا فريدة تشامقجي