يتطرق قنصل الجزائر بألمانيا، عبد الكريم يماني، في هذا الحوار مع الجالية الجزائرية، لمسائل متفرقة على صلة بنشاط ومهام القنصلية العامة، معلنا عن شروع الأخيرة في عملية تحيين البيانات حول الكفاءات الجزائرية بألمانيا، حيث اعتبر أن القنصلية “تلقت استجابة ايجابية“ و“مجموعة لا بأس بها من السير الذاتية لأساتذة جامعيين وخبراء وباحثين وأطباء ومهندسين“، وأنه تم إرسال هذه السير الذاتية إلى “الجهات المعنية بمتابعة هذا الملف“. وأوضح القنصل أن العملية تأتي في إطار التحضير لاطلاق منصة التبادل من قبل وزارة الخارجية، وأن الخطوة “ستسمح للكفاءات والخبرات الجزائرية بالتواصل مع المؤسسات والشركات والجامعات، للتعريف بمشاريعهم وأبحاثهم، وكل ما من شأنه أن يساعد في إقامة شراكات ترجع بالفائدة على التطور الاقتصادي والاجتماعي بالجزائر“.
من جهة أخرى، يتأسف القنصل لكون أن الجزائر لا تعتبر بلد استقطاب سياحي بالنسبة لأبناء الجالية، معتبرا أن “تضافر الجهود ضروري للنهوض بوجهة الجزائر السياحية“، وأن أبناء الجالية “يمكنهم لعب دور مهم في استقطاب السياح، وهذا من خلال التعريف بمقدرات البلد“. وفي هذا الشأن، أعلن القنصل أن قنصلية ألمانيا تعمل على التعريف بكل ما ينجز في قطاع السياحة بالجزائر، وأنها تقوم بتشجيع وكالات السياحة الألمانية “على تنظيم رحلات سياحية للجزائر، من خلال تقديم كل التسهيلات وإصدار التأشيرات وتوفير المعلومات الضرورية“.
عملتم في السابق بقنصلية ألمانيا ثم تنقلتم لقنصليات دول أخرى، بعودتكم مجددا إلى قنصلية ألمانيا هل تجدون قضايا الجالية قد تغيرت مقارنة بما كان سابقا، وبحكم خبرتكم هل تغيرت طريقة عمل القنصليات مقارنة بالسابق؟
أود في البداية أن أشكركم على التوفيق في تغطية حفل تكريم عائلة المجاهد عمر بوداود الذي تم تنظيمه من طرف القنصلية العامة بمناسبة الذكرى 58 لعيد الاستقلال والشباب.
كان لي الشرف أن أشتغلت كمستشار ووزير مستشار في سفارة الجزائر بألمانيا ببون وبرلين في التسعينات وسنوات ألفين. وكنت حينها أتابع الملف القنصلي وقضايا الجالية الجزائرية بالإضافة إلى ملفات أخرى. تجدر الإشارة إلى أن عدد أعضاء الجالية الجزائرية في ألمانيا لم يكن بالكثافة الحالية، وانتشارها كان مقتصرا على بعض المقاطعات. أما الآن العدد تضاعف أكثر من أربع مرات، وتواجد الجالية توسع ليشمل أغلب المقاطعات، غير أن الكثافة تبقي متمركزة في المقاطعات الغربية. أضف إلى ذلك أن مكونات الجالية تطور، بحيث أصبح يغلب عليه الطابع الشباني متعدد المشارب والتكوين والإنشغلات وكذا الطموحات، غير أن العامل المشترك الذي يجمع الأجيال المتعاقبة هو الشعور بالانتماء إلى الوطن الأم الجزائر حتى بين أبناء الجالية المولودين بألمانيا والذين يرغبون في إفادة بلد الأباء بخبراتهم. بحكم تضاعف عدد الجالية الجزائرية، انشغالاتها زادت وتطورت، حتى لا نقول تشعبت، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن الوزارة المعنية وممثلياتها واكبت هذا التطور، بتوفير الموارد البشرية والمادية، للاستجابة بأقصى سرعة لحاجيات جاليتنا وبما يصون كرامتها ويخدم إقامتها في المهجر في أحسن الظروف. وسرد كل التسهيلات في حق جاليتنا يطول في هذا المقام.
قنصليات الجزائر بالخارج تنتظر إطلاق منصة إلكترونية من قبل الحكومة من أجل الشروع في عملية تسجيل معلومات حول الكفاءات الوطنية بالخارج والتواصل معهم، هل من كلمة حول هذه المسألة؟
بالفعل قامت القنصلية العامة بالإعلان عن البدء في عملية تحيين المعلومات حول الكفاءات الجزائرية في مقاطعات الإختصاص بألمانيا، بغرض إثراء البيانات والتحضير لإطلاق منصة التبادل من قبل وزارة الخارجية، والتي سوف تسمح للكفاءات والخبرات الجزائرية بالتواصل مع المؤسسات والجامعات وكذا الشركات المهتمة، للتعريف بمشاريعهم وأبحاثهم وكل ما من شأنه أن يساعد في إقامة شراكات ترجع بالفائدة على التطور الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر. التجاوب مع هذا الإعلان كان إيجابيا من قبل عدد من الكفاءات المقيمة في ألمانيا. وقد تلقت القنصلية العامة مجموعة لا بأس بها من السير الذاتية لأساتذة جامعيين وخبراء وباحثين وأطباء ومهندسين في مختلف الاختصاصات، وتم إرسالها إلى الجهات المعنية بمتابعة هذا الملف. ونحن بصدد انتظار انطلاق العمل بهذه المنصة، وأملنا أن تساهم هذه الخطوة في ربط الكفاءات الجزائرية بالبلد الأم من أجل الاستفادة من كل الطاقات الجزائرية.
في انتظار إطلاق هذه المنصة الالكترونية، هل كانت لدى القنصليات طريقة للتواصل مع الكفاءات الوطنية بالخارج، وهل لديها بيانات حولهم وحول طبيعة نشاطاتهم؟
نعم القنصلية العامة كانت ومازلت على اتصال دائم مع الكفاءات الجزائرية في ألمانيا. وقد ساهمت في السابق في تشجيع إنشاء الجمعيات المهنية والعلمية، وبادرت بتنظيم لقاءات دورية مع هذه الفئة من الجالية، بالإضافة إلى ترتيب زيارات إلى الجزائر لحضور الندوات واللقاءات مع المسوؤلين في شتي القطاعات. تتوفر القنصلية العامة على بيانات وإحصائيات بخصوص الكفاءات الجزائرية في ألمانيا، غير أن الكثير منها بحاجة إلى إعادة النظر فيها وتحيينها، وهذا ما قامت به القنصلية العامة مؤخرا وسوف يتواصل ذلك مستقبلا.
الجالية تحتاج إلى المراكز الثقافية لتعليم اللغة العربية لأبناءها، ما رأيكم وهل من برنامج بهذا الخصوص؟
العمل من أجل خلق فضاء ثقافي بين الجالية الجزائرية من مهام القنصلية العامة. وقد درجت هذه الأخيرة في الماضي على تشجيع كل مبادرة من طرف الجالية التي تصب في هذا الاتجاه. التعاون في هذا المجال ضروري بسبب الإمكانيات المادية والمالية المحدودة. الجالية بحاجة إلى التأطير بإنشاء جمعيات ذات البعد الثقافي و الرياضي والاجتماعي، للقيام بنشاطات بمناسبة الأعياد الوطنية والدينية وسط الجالية الجزائرية، والمشاركة في التظاهرات المخصصة للتعريف بالتقاليد والثقافة للدول التي تقيمها المقاطعات الألمانية. والقانون الألماني يحفز على إنشاء مثل هذه الجمعيات التي تخصص لها منح مالية. نفس الشيء بالنسبة للمدارس الخاصة بتعليم اللغة العربية. القنصلية العامة تشجع كل مبادرة في هذا الإطار، وهي على استعداد للتعاون مع كل الإرادات الخيرة بالمشاركة والإعانة بما تسمح به إمكاناتها.
هناك جزائريون لازالوا عالقين بمختلف الدول بسبب قيود السفر التي فرضها وباء كورونا، هم يطالبون بضرورة التكفل بهم وبعودتهم إلى الجزائر، كيف تتابع قنصلية الجزائر بألمانيا هذه القضية؟
منذ دخول حيز التنفيد إجراءات إلغاء الرحلات الجوية من و إلى الجزائر بسبب جائحة covid-19 التى انتشرت في أغلب بلدان العالم، لم تدخر القنصلية العامة جهودها للتخفيف من عبء آثار هذه الإجراءات على المواطنين الجزائريين العالقين في ألمانيا. تجدر الإشارة إلى تضامن الجالية الجزائرية مع إخوانهم الذين تقطعت بهم السبل ببذل المال والمأوى والجهد. وهنا أتوجه بالشكر إلى كل من ساهم وما زال في هذا الجهد من جمعيات ومتطوعين و محسنين. للتذكير فإن القنصلية العامة قامت بإحصاء كل العالقين منذ الأيام الأولى، ورفعت إلى الجهات المعنية قائمة بأسماء هؤلاء، وهي تتابع كل ما استجد حول هذا الموضوع. كما تجدر الإشارة إلى أنه قد تم إعلام بانتظام إخواننا العالقين بكل ما جد من قرارات من طرف السلطات الألمانية بخصوص الوباء وتمديد الإقامات، كما تدخلت القنصلية العامة في إطار مهامها لحل مشاكل بعض العالقين في المطار خاصة. وأود أن أؤكد أن قنوات الإتصال مفتوحة لإخواننا، والقنصلية العامة كلها أذان صاغية للاستفسار ومتابعة تطور الوضع. وأملي أن يرجع كل عالق إلى أهله في أقرب الآجال، وواجب كل واحد منا أن يبقى مجندا لتجاوز هذا الظرف الاستثنائي بكل إيجابية وروح المسوؤلية.
أبناء الجالية الجزائرية في الخارج لا يفضلون الجزائر كوجهة سياحية، كيف يمكن تحفيزهم على المجيئ للجزائرّ؟
بغض النظر عن الظرف الحالي المتميز بانحصار السياحة بسبب جائحة كورونا، وجهة الجزائر بالنسبة لأبناء الجالية الجزائرية لا تحتل للأسف مراتب متقدمة لأسباب متعددة يطول تفصيلها في هذا المقام. رغم الكثير من المؤهلات الطبيعية والتاريخية والثقافية، وهذا باعتراف المختصين، تبقي الجزائر لا تستقطب السياح إلا بأعداد محتشمة. ولا تختلف الأسباب بالنسبة لأبناء الجالية الجزائرية الذين يفضلون وجهات أخري عن البلد الأصل إلا للزيارات العائلية. غير أن الأمر نسبي بحيث سجلت الجزائر توافد أعداد كبيرة من أبناء الجالية في فترات العطل، ولعل أن الجهود التي سخرت من طرف مؤسسات الدولة ذات الإختصاص والمستثمرين الخواص لتوفير هياكل الإستقبال و الترفيه، شجع هؤلاء لجعل الجزائر وجهة من وجهاتهم السياحية. يبقى أن تضافر الجهود ضروري للنهوض بوجهة الجزائر السياحية، وأبناء الجالية يمكن لهم لعب دور مهم في استقطاب السياح، وهذا من خلال التعريف بمقدرات البلد وتخصيص جزء من عطلهم للجزائر لتنشيط القطاع السياحي والمشاركة في نموه. القنصلية العامة، وفي إطار اهتماماتها، تعمل على التعريف بكل ما ينجز في هذا الميدان وتشجيع وكالات السياحة الألمانية على تنظيم رحلات سياحية للجزائر، بتقديم كل التسهيلات وإصدار التأشيرات وتوفير المعلومات الضرورية.
في الأخير ما أتمناه هو أن يكون للجزائر نصيب لدى أبناء الجالية في عطلهم السياحية من باب التضامن ومساندة جهود الجميع في إنعاش هذا القطاع.
حاورته من ألمانيا: فريدة تشامقجي