يبحثون عن واقع أفضل فيطرقون جميع الأبواب التي توصلهم إلى الضفة الأخرى، لكنهم وإن سلموا من البحر وأهواله، فإنهم سيقعون بين مخالب عصابات الحراڨة التي تهون أمامها الأرواح في سبيل جمع المال.
هذا ما تقوم به عصابات الحراڨة قبل إقلاعهم
قصص مؤثرة لشباب ركبوا قوارب الموت، خاطروا بحياتهم، أحرقوا أفئدة أمهاتهم، بحثا عن حياة أفضل ما وراء البحار… غير أن الطريق محفوف بالأشواك، والرحلة لها محطة الانطلاق لكنها قد تقودك إلى قبرك.
هذه المرة لن نروي مأساة شباب انقلب بهم البوطي، وتناقلت شبكات التواصل الاجتماعي صورهم للبحث عنهم، لتطفو بعد أسابيع أو أشهر جثثهم على سطح الشاطئ الفلاني، ويصبحوا في خبر كان.
إن لم تلتهمك أمواج البحر ستلتهمك عصابات الحراڨة
لطالما سمعنا عن عصابات تهريب الحراڨة التي تعمل في الخفاء، تحت الظلام الدامس، تستلم الأموال من الشباب اليائس من الأوضاع في بلده، وتستغل الفرصة لفرض منطقها، وتطلب مبالغ كبيرة تصل إلى 100 مليون سنتيم إن كان السفر على قارب مجهز بأحدث التقنيات.
أما إذا كان قاربا تقليديا فقد تكون التكلفة أقل لكن الرحلة غير مضمونة، وخطر التهامك من طرف الأمواج تكون أكبر، ومع هذا شباب كثر، يخاطرون بحياتهم، ويسلّمون أنفسهم إلى هذه الشبكات التي لا يهمها سوى المال.
فكما تأكل أمواج البحر الكثير من الحراڨة، تأكلهم عصابات مختصة في التهريب إلى الضفة الأخرى، تفرش لهم الأرض ورودا، قبل أن تنقض عليهم.
عصابات الحراڨة: تصريحات خطيرة
كشف شاب حاول الهجرة إلى الضفة الأخرى، تفاصيل خطيرة عمّا تقوم به عصابات مختصة في تهريب الحراڨة، تنشط بولاية وهران.
وقال هذا الشاب أنه نجا بأعجوبة من مخالب العصابة، التي لا ترحم، فبعد أن يوهموك بأنك في أمان معهم، وأن هدفهم هو إيصالك إلى إسبانيا، تأتي مرحلة الجدّ ليكشّروا عن أنيابهم.
ومن خلال تسجيل صوتي لشاب من ولاية عنابة، فإنه وقع فريسة بين أيدي عصابة من ولاية وهران، تستغل الشباب الراغب في الهجرة إلى إسبانيا، وتخطط لنقلهم لكنها لا تفعل، وتقوم بأمور خطيرة.
شاب من عنابة يروي تجربته مع عصابة تهريب الحراڨة
وروى الشاب المصدوم من هول ما حدث معه، أنه ومنذ قرابة 20 يوم تنقل من ولاية عنابة، إلى وهران عن طريق اتصالات مع أصدقاء له هناك تعرف على جماعة تنشط في نقل المهاجرين عبر قوارب خاصة، حيث كان يودّ الهجرة إلى إسبانيا.
تدبّر الشاب المبلغ المالي اللازم، الذي لم يذكر مقداره، لكن وحسب مخطط العصابة فإن الشاب يتنقل إلى المكان المحدد من دون المال، ربّما يدخل الأمر في حسابات خاصة تفاديا لمشاكل مع الأمن أو ما شابه.
ويقوم شركاء آخرون في المخطط بتسلم المال من مكان آخر، وفي حالة هذا الشاب فإن العصابة تسلمت المال من أصدقائه بعنابة فور تلقيهم الاتصال من المعني بالأمر.
وأضاف أن العصابة انتظرته في محطة الطاكسي بوهران على الساعة الحادية عشر ليلا، رفقة شاب آخر قدم من العاصمة، أخذوهم إلى منطقة جد معزولة، يقول “أنك لا ترى شيئا سوى الجبل والبحر في الأسفل، قدموا لنا الطعام تناولنا سوندويتشات”.
اعتداء بالسيوف وتهديد بالقتل !
وواصل الشاب سرد تفاصيل محاولته للحرڨة، وقال أنهم تفاجئوا بأفراد هذه الشبكة الذين قدموا لهم الطعام في البداية، ينقلبون عليهم، ويعتدون عليهم بالسيوف، وقال “اعتدوا علينا بالسيوف، وهددونا بالقتل”.
وحسب التسجيل الصوتي الذي انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن العصابة تجبر ضحاياها على سرد تفاصيل مغايرة لأصدقائهم وأقربائهم الذين ينتظرون وصولهم بسلام إلى الضفة الأخرى.
طالع أيضا توقيف 5 حراقة واسترجاع العملة الصعبة
حيث يقول الشاب أنهم هدّدوهم بالقتل إن لم ينفذوا كل ما يملونه عليهم، حيث أجبروهم على الاتصال بأصدقائهم وإخبارهم بأنهم في أمان وكل شيء على ما يرام وأنهم سيغادرون بعد قليل.
“أجبرونا على الكذب وقول أننا وصلنا إلى إسبانيا”
وبالفعل يقول صاحب التسجيل الصوتي، أنه وبعد ثلاث ساعات من وصولهم اتصل بأصدقائه وأخبرهم أنهم انطلقوا في رحلتهم، وأنهم قطعوا مسافة 5 كلم.
مرت ثلاث ساعات أخرى، وهم لم يبرحوا المكان المعزول بوهران، لكن العصابة أجبرت الشاب ومن معه بالاتصال مرة أخرى بأقربائهم وإخبارهم بأنهم وصلوا إلى الوجهة المقصودة.
وهنا يقول الشاب أنه كان يظهر من صوته أنه متعب جدا، ولم يصدق أصدقاءه أنه وصل إلى إسبانيا، بل طلبوا من العصابة ضرورة التحدث معه بالكاميرا للتأكد من أنه وصل بسلام.
يقول ذات المتحدث أن العصابة مخططة لكل شيء حيث يخيل لك أنك فعلا تحدثت مع شخص في إسبانيا عبر الواتساب، لكنه كان أذكى من العصابة وأثناء حديثه مع أصدقائه عمل إشارة لهم، وفهموها، وكانت الوسيلة الوحيدة التي أنقذته من مخالبهم.
العصابة تتخلص من الحراڨة برميهم في البحر !
ولا تتوقف عملية النصب والاحتيال هنا، بأخذ شبكات تهريب الحراڨة للمال، وترك الشباب البائسين يغادرون المكان، بل تقوم بأخطر من هذا بكثير.
فحسب شهادة الشاب من عنابة، فإنهم يقومون برمي الشباب في البحر، بعد الحصول على المبلغ المالي المتفق عليه، فلا يهم هؤلاء سوى جمع المال.
ويضيف صاحب التسجيل الصوتي ” ناس يقولك أم ديماراو وهما أم قتلوهم”، هكذا تقوم خطة هذه العصابة فلا يكلفون أنفسهم عناء توفير قارب وتزويده بمختلف الوسائل اللازمة لنقل الحراڨة، فهم يختصرون عليهم الطريق يأخذون المال ويتخلّصون من الضحية.
رسالة إلى الراغبين في الحرڨة
ووجّه الشاب الذي مرّ بتجربة مريرة في محاولته للحرڨة، ونجا من الموت بأعجوبة، رسالته للشباب الراغب في الهجرة، أن يتفطن لمخططات مثل هذه الشبكات التي لا يهمها سوى المال.
وقال أن الكثيرين ماتوا بهذه الطريقة، رميا في البحار، وليس غرقا بالقوارب، “باش تعلم الناس الكل ناس ماتت في وهران يقولك أو يخرج وهو قتلوه ورماوه فالبحر !”.